• مقدمة وتوطئة تعريفية عن المدونة ومحتوها
  • سلامي مصر- البداية – بقلم مصطفي محمد سعدي
  •  القرآن الكريم والسنة الشريفة
  •  المجموعة الأدبية والقصائدية الخاصة بـ مصطفي محمد سعدي
  • تابع أساسيات العلوم على الفيس بوك كنوع من المساهمة في إثراء المدونة

ما معنى: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم"

الثلاثاء، 5 يوليو 2011 التسميات:

السؤال:

سائل يستفسر عن الآية الكريمة في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)؟


الجواب:


الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي الله وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين يعجبني مثل هذا السؤال أعني السؤال عن آيات الله عز وجل وذلك لأن القرآن الكريم لم ينزل لمجرد التعبد بتلاوته بل نزل للتعبد بتلاوته وتدبر آياته وتفكر معانيه وللعمل به واسمع إلى قول الله عز وجل (كتابٌ أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) فيعجبني ويسرني أن يعتني المسلمون بكتاب الله عز وجل حفظاً وفهماً وعملاً وأنا أشكر الأخ السائل على هذا وأمثاله فنقول في جوابه تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم) هذه الآية نزلت مخاطباً الله بها من كانوا في عهد النبوة الذي هو عهد التحليل والتحريم والإيجاب والحل فإنه ربما يسأل الإنسان في عهد النبوة عن شيء لم يحرم فيحرم لمسألته أو عن شيء ليس بواجب فيوجب من أجل مسألته فلهذا قال الله عز وجل تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفورٌ حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين) ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبائهم) أما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فليسأل الإنسان عن كل ما أشكل عليه بشرط أن لا يكون هذا من التعمق في دين الله عز وجل فإن كان من التعمق والتنطع فإنه منهيٌ عنه لأن التعمق والتنطع لا يزيد الإنسان إلا شدة فلو أراد الإنسان أن يسأل عن تفاصيل ما جاء عن اليوم الآخر من الحساب والعقاب وغير ذلك وقال كيف تعاقب الإنسان هل هو قائم وإلا قاعد وما أشبه ذلك من الأسئلة التي ليست محمودة فهنا لا يسأل أما شيء مفيد ويريد أن يستفيد منه فليسأل عنه ولا ينهى عن السؤال.

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ...)
ونفس هذا المعنى هو الذي علمه الله سبحانه وتعالى الصحابة رضي الله تعالى بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ [المائدة:101-102]. فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا) يعني: لا تسألوا نبيكم عليه الصلاة والسلام (عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ) أي: تظهر لكم (تَسُؤْكُمْ) لما فيها من المشقة (وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) يعني: وإن تسألوا عن أشياء نزل بها القرآن مجملة فتطلبوا بيانها تبين لكم حينئذٍ. هذا أحد الوجوه في تفسير الآية (لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) يعني: إذا أنزل شيء في القرآن وكان مجملاً وأنتم تطلبون بيانه فهذا ليس منهياً عنه، بل لكم أن تسألوا عن الشيء الذي يوضح ما أجمل في القرآن، فيبينه النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا من مواضع الحاجة التي لا حرج في السؤال فيها. وثم توجيه آخر، وهو جعل (حين) ظرفاً لـ(تبد)، يعني: إن تسألوا عنها تبد لكم حين ينزل القرآن. وقيل: إن قوله تعالى: (وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) يتضمن التهديد والتحذير، أي: ما سألتم عنه في وقت نزول الوحي جاءكم بيان ما سألتم عنه بما يسؤكم، وربما يأتيكم البيان بما يسؤكم. فيحمل معنى الآية على: لا تتعرضوا للسؤال عما يسؤكم بيانه، وإن تعرضتم له في زمن الوحي أبدي لكم؛ لأن زمن الوحي زمن التشريع، كما جاء في سبب نزول هذه الآية حينما نزل قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] فقال رجل: (أكل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: أكل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه النبي عليه الصلاة والسلام، ثم قال في الثالثة: أكل عام يا رسول الله؟ قال: لا. ولو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم أن تحجوا في كل عام) . فلو أن ملايين المسلمين الموجودة في الأرض تريد الحج إلى مكة خاصة، وكان الحج فريضة كفريضة الصلوات الخمس، فكم سيكون في ذلك من المشقة؟ إذاً هذا الرجل فتح باب السؤال، ولو أتى الجواب موافقاً لكان في ذلك تعنت ومشقة وإساءة للمؤمنين. وقال بعضهم: إنه تبارك وتعالى بين أولاً أن تلك الأشياء التي سألوا عنها إن أبديت لهم أساءتهم، ثم بين ثانياً أنهم إن سألوا عنها أبديت لهم، فكان حاصل الكلام: إن سألوا عنها أبديت لهم، وإن أبديت لهم ساءتهم، فيلزم من مجموع المقدمتين: أنهم إن سألوا عنها ظهر لهم ما يسوءهم ولا يسرهم، فالمراد بهذه الأشياء ما يشق عليهم ويضمهم من التكاليف الصعبة التي لا يطيقونها، والأسرار الخفية التي يفتضحون بظهورها، ونحو ذلك مما لا خير فيه، فكما أن السؤال عن الأمور الواقعة مستتبع لإبدائها، كذلك السؤال عن تلك التكاليف مستتبع لإيجابها عليهم بطريق التشبيه لإساءتهم الأدب، واجترائهم على المسألة والمراجعة، وتجاوزهم عما لا يليق بشأنهم من الاستسلام لأمر الله عز وجل من غير بحث ولا تعرض لكيفيته وأهميته.

المصدر :http://akhawat.islamway.com/forum/index.php?showtopic=188134

 
أساسيات العلوم - SciBasics © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates